Wednesday 10 March 2010

مراحل دراستي



        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

قال النبي صلى الله عليه وسلم : "اطلب العلم من المهد الى اللحد"
         
        قبل أن أبدأ مقالتي، أودُّ أن أخبركم أيها القُرّاء الفاضلون؛ أنني ما كتبتُ هذه المقالة  فخرا بنفسي، ولكن يُسعدني أن أشارككم خبراتي الدراسية منذ نعومة أظافري حتى الآن.
أما بعد،

        فإنني بنت جوهُرية الأصل, وُلدتُ فى سنة ١٩٨٩ فى المدينة التى تقع فى جنوب ولاية جوهر والتي تسمى ب"كوتا تينجي" وكنت أعيش هناك حتى بلغ عمري سبع سنوات. ثم انتقلت أسرتي إلى مدينة أخرى شمال جوهر وهي "سجامت".وعندما كان عمري خمس سنوات، بدأتُ دراستي الرسمية-(الدراسة لا بد أن تبدأ من المهد)- في حضانة "تاديكا كماس" فى فيلدا سمنجو، كوتا تينجي مدة سنتين قبل أن ألتحق بالمرحلة الابتدائية. وعندما كان عمري سبع سنوات، كما هو النظام فى ماليزيا، بالمدرسة الإبتدائية الوطنية بفيلدا سمنجو التى كانت تدرّس فيها أمّي المحبوبة. ولكن، بعد نصف السنة، انتقلت أسرتي إلى سجامت -كما قلتُ- من أجل عمل والديّ فأنا واصلتُ بقية المرحلة الابتدائية حتى السنة السادسة هناك فى المدرسة الابتدائية الوطنية بفيلدا فالوغ تيمور1. وفى المساء، تعلمتُ علوم الدين فى المدرسة الدينية المسائية الخاصة بولاية جوهر. الحمد لله، حصلتُ على شهادة الدراسة الابتدائية (UPSR)  .
                                                                          
        وفى سنة ٢٠٠٢، عندما كان عمري ثلاث عشرة سنة، قرّر والديّ أن أدرس فى مدرسة عربية لأتخصص فى دراسة اللغة العربية وعلوم الدين متابعةً لأخي الكبير. وقد التحقتُ بالمرحلة الإعدادية والثانوية مدة خمس سنوات فى المدرسة الثانوية  الدينية والعربية الخيرية بسجامت التى كان يدرس بها أيضا أخي الكبير. والحمد لله،أتممتُ الدراسة هناك و نِلتُ الشهادة الدينية الإعدادية (SMRA) فى السنة الثانية، وشهادة الدراسة المتوسطة(PMR)  فى السنة الثالثة، والشهادة الدينية الثانوية (SMA) فى السنة الرابعة، وشهادة الدراسة الماليزية (SPM) فى السنة الخامسة. أما فى المدرسة الدينية المسائية، أتممتُ الدراسة هناك وحصلتُ على شهادة الدرجة السادسة وشهادة الدرجة الخاصة. ألف حمد لله أن أعطاني هذه الفرص الذهبية لأتعلم فيها علوم الدين واللغة العربية إضافةً إلى العلوم الأكاديمية فى مراحل الدراسة فى المدرسة.

        وفى سنة ٢٠٠٧، عندما كان عمري ثماني عشرة سنة، واصلتُ الدراسة فى معهد جوهُر لأنال الشهادة الدينية العالية الماليزية (STAM). وأثناء الدراسة فى المعهد، توقّف كثير من زملائي وزميلاتي من المعهد بعد أن خرجت نتيجة شهادة SPM فى شهر مارس. التحق بعضهم بالجامعات فى المرحلة التمهيدية أو الدبلوم وبعضهم التحقوا بمعاهد تحفيظ القرآن. كذلك فكرت فى بداية الأمر كثيرا أن أتوقف عن الدراسة في معهد جوهر لألتحق بمعهد "دار القرآن" من أجل حبّي ورغبتي فى حفظ القرآن. وكِدتُ أن أحقّق أمنيتي لكون أمّي متفقة معي، ولكن أبي لم يسمح لي بذلك. أمرني أبي بالبقاء فى المعهد لكي أنال شهادة STAM. وقد حزنتُ حزنا شديدا ولكن هدّأتُ نفسي حتى أرضى بتقدير الله ورزْقه. وفى المعهد أيضا، نِلتُ شهادة Malaysian University English Test   (MUET)التى تكون  شرطا للالتحاق بإحدى الجامعات داخل البلاد.

                              معهد جوهر                               

           والحمد لله، قد أنهيتُ دراستي في المعهد في أقل من سنة واحدة، وفى الإجازة الطويلة خلال انتظار نتيجة شهادة STAM، التحقتُ بدورة تدريبية لتقوية اللغة العربية فى مركز الدراسات الإسلامية واللغة العربية (مرسه) الذى يقع بجانب معهد جوهر. هذه الدورة التي  كانت مدتها ستة أشهر تستهدف إعداد الطلاب الذين يريدون أن يواصلوا الدراسة خارج البلاد خاصة فى مصر. وقد كان عندي أمل – منذ دراستي في المعهد – أن أواصل الدراسة في إحدى البلاد العربية سواء كان ذلك فى الأردن. سوريا أو مصر ، ولكن أهم هدف لإلتحاقي بهذه الدورة هو رغبتي أن أجيد اللغة العربية خاصة المحادثة لأنني أحبّ هذه اللغة حبّا شديدا. وبجانب ذلك، -كما قلتُ- تمنيت أن أواصل الدراسة خارج البلاد.

            قبل أن أبدأ الدورة، خطر في عقلي شيء جعلني  أفكّر كثيرا وهو ..."هل أستطيع أن أتكلّم باللغة العربية بعد ستة أشهر من  دراستي فى الدورة...؟" والحمد لله، من خلال دراستي في الدورة، كنتُ أمارس اللغة العربية كثيرا, وأشكر معلّمِي الدورة، وهم الأستاذ رائد والأستاذ طلال من الأردن والأستاذ عبد الغني من سنغافورة الذين درّبونا على مهارات اللغة العربية وقواعدها في الدورة. ولا أنسى الأستاذة شروق،زوجة الأستاذ رائد و نصفه الحلو والتى كانت صديقتي العربية الجميلة حتى الآن... لقد استفدتُ كثيرا من الدورة وكنتُ سعيدة جدا لأنني خضت الكثير من التجارب خلال الدورة منها اشتراكي في أنشطة المناظرة والندوة والتمثيلية فيها، وأستمتعت بقضاء الوقت مع الأستاذة شروق وابنتيها تالا وراما  في "أغسانا" ، والإشتراك في البرامج الخارجية التى أقامتها جمعية الشباب المسلمين بماليزيا (ABIM) وغير ذلك....لن أنسى هذه الذكرايات الجميلة والممتعة والمفيدة أبدا.

من الأساتذة المحبوبين في الدورة

           ورفرفتْ سعادتي بعدما حصلتُ على نتيجة شهادة STAM وبعد أن سمح لي والديّ لأسجّل في جامعة الأزهر في مصر، ولكنني فى نفس الوقت تقدمت بطلب للإلتحاق بإحدى الجامعات داخل البلاد. وبعد انتهاء الدورة فى شهر مايو، علمتُ أن طلب  إلتحاقي بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا (UIAM) قد تُقبّل. فأصبحتُ مترددة بين الأمرين؛ بين مواصلة دراستي  في UIAM أو في جامعة الأزهر. حقيقة، كنتُ أتمنى أن ألتحق ب UIAM إذا واصلتُ الدراسة داخل البلاد، وجامعة الأزهر إن كان علي مواصلتُها خارج البلاد، وأخبرني والديّ أنه إذا حصلتُ على منحة دراسية، فإنهما سيسمحا لي أن ألتحق بجامعة الأزهر وإلا فعليّ أن أسجّل فى  UIAM. وكانت مشكلتي أنه حتى انتهاء الدورة، كنت ما زلتُ أبحث عن منحة دراسية  وما كنت قد وجدتهاُ. لذلك أمرني والديّ بالتسجيلَ فى UIAM لكونها جامعة مشهورة وممتازة فى ماليزيا وأن أخي الأكبر يدرس فيها. فوافقتُهما على مضض.

        والحمد لله، في يوم من أيام الإجازة قُبَيْل التسجيل فى UIAM، وجدتُ إعلانا فى الجريدة عن منحة دراسية للإلتحاق بجامعة الأزهر التى وفرتها وأعدت لها شركة “AmanahRaya” . فسعيت للحصول عليها وتوكّلتُ على الله .

        وفى ٢٩ من يونيو ٢٠٠٨، سجّلتُ فىUIAM  وفى الحقيقة، لستُ سعيدة لأن أمنيتي في الألتحق بجامعة الأزهر قد سيطرت على ذهني. ولكنني رضي بقرار والديّ. وعندما كنتُ فىUIAM ، أعجبتْني البيئة والمناظر هناك.ووجدتُ الطلبة هناك من بلاد شتى من كل أنحاء العالم، وكلهم مسلمون بشتى ألوانهم وألسنتهم. وفى أثناء أسبوع التعارف، وجدتُ صديقات جديدات من داخل البلاد وخارجها، من السعودية ،تايلاند ،تركيا وكشمير وغير ذلك.وقد  تواصلنا مع بعضنا البعض باللغة الإنجليزية والعربية وقد كان ذلك تجربة رائعة لي و الحمد لله. كما أنه خلالَ أسبوع التعارف أيضا فىUIAM ، قبل التسجيل فى الكلية ،كان لا بد على الطلبة الجُدُد الذين لم يلتحقوا  بالسنة التمهيدية (direct-intake students) UIAM بعد أن يواجهوا الامتحانات فى المهارات اللغوية الأربعة فى اللغتين الإنجليزية والعربية؛ وهى امتحان الكتابة (writing)، والقراءة (reading)، والمحادثة(speaking)، والاستماع (listening). إذن، كان علينا أن نجتاز ثمان إمتحانات! إذا لم ننجح في إحداها، فعلينا أن نلتحق بفصول تطوير المهارات اللغوية (pre-sessional class) قبل التسجيل فى السنة الأولى فى الكلية. أما مدتها فهي حسب مستوى النتيجة سواء أكانت مدة فترة أو أكثر حتى سنتين.

     UIA...اشتقتُ إليها جدّا جدّا

       والحمد لله، مرة أخرى، وفقني الله فى تلك الإمتحانات المختنقة وإن كنتُ لم أستعد جيدا قبل ذلك، فسجّلتُ فى السنة الأولى فى كلية معارف الوحى والتراث (Islamic Revealed Knowledge& Heritage) فى قسم أصول الدين. وبعد أسبوعين من الدراسة فى UIAM، أخبرتني أمّي بأنه قد تم اُستدعائي للحضور لمقابلة شخصية لاختيار الطلبةالذين سيتم اختيارهم للحصول على منحة AmanahRaya. كنتُ سعيدة جدا لأنني كنت ما زلـتُ آمل أن ألتحق بجامعة الأزهر. وبعد المقابلة قلّت حماستي للدراسة فى UIAM ورجوت رجاء كبيرا الحصول على تلك المنحة. والحمد لله، فى الأسبوعين التاليين، بشّرتني أمّي بأنني قد اُخترتُ مع الطلبة المحظوظين الآخرين للالتحاق بجامعة الأزهر من خلال تلك المنحة الدراسية.

       وفى الأول من أغسطس لعام ٢٠٠٨  ، قد دُوّنت حادثة تاريخية فى حياتي حيث عُقد برنامج إطلاق المنحة AmanahRaya فى فندق "هيلتون" بكوالا لمبور. كنتُ سعيدة جدا على ما رزقني الله، ألف حمد له. وعرفتُ أن المختارين سيلتحقون بكلية جديدة فى جامعة الأزهر وهو نظام جديد وخاص للطلبة الماليزيين ونحن أول مجموعة فى هذه السنة..و خلال أيامي الأخيرة فى UIAM، كنتُ مشغولة بشؤون توقّفي من الجامعة لأنه كان عليّ أن أقابل عميد الكلية والمحاضرين وأُنهي الأمور التى تتعلق بالكلية والمحلّة (سكن الطلبة). وبعد ذلك ، توقّفتُ عن الدراسة UIAM،وقد كنت حزينة لأنني تركتُ صديقاتي الجديدات هناك.واللاتي عشت تجارب كثيرة ورائعة خلال دراستي مدة شهر وأسبوعين هناك والتي لن أنساها.



        وفى أيام الإجازة قبل الانطلاق إلى مصر، مكثت فى البيت مدة شهرين تقريبا. كنتُ سعيدة جدا لأنني قضيت وقتا طويلا مع أسرتي قبل أن أسافر إلى مصر. وفى الخامس من أكتوبر ٢٠٠٨، فى خامس يوم من أيام عيد الفطر، انطلقتُ إلى مصر مع أربعة وعشرين طالبا AmanahRaya  للالتحاق بالمرحلة التمهيدية- التأهيلية -فى جامعة الأزهر وهذا النظام الخاص سيكون مدة خمس سنوات، بإذن الله.


       الحمد لله، الآن، أحقّق حلمي لأدرس فى مصر. أنا الآن طالبة فى جامعة الأزهر الشريف والتى اسمها في ماليزيا على كل لسان، وقد مضت سنة وخمسة شهور وأنا في مصر. أنا سعيدة جدا وأتمتع بمعيشتي هنا مع صديقاتي الطيّبات بالرغم من بُعدي عن أسرتي فى ماليزيا. وحتى الآن، ما زلتُ أتّصل بصديقاتي الأخريات فى ماليزيا. ولكن، إنّ سيري فى طلب العلم لم ينته بعدُ لأن بعد أن أُنهي دراسة حتى أحصل على البكالوريوس فى جامعة الأزهر، فإنني شاء الله، سأستمر فى طلب العلم ما دُمْتُ حيّة، لأن -كما كتبتُ- طلب العلم من المهد الى اللحد.
       والله ولي التوفيق... 

الأزهر الشريف....اسمه على كل لسان.... 

*هذه المقالة كتبتها قبل سنة بعد وصولي في أرض مصر ونشرتُها في مدونتي الأولى. ولكن هناك أخطاء كثيرا  فطلبتُ من صديقتي المصرية - آيات - تصحيحها ثم نشرتها مرة أخرى في هذه المدونة الخاصة باللغة العربية.

5 comments:

  1. شكرا لك ايمي لزكر اسمي انا سعيده جدا لكوني صديقتك وصديقه الكثير من الماليزيات الرائعات مثل حكيمه وحنا وزيتي وعزتي وشافيناز والكثير الكثير استفدت منكن كثيرا لتعلم الصبر والحياه البسيطه والسعاده التى كنتم تشعورون بها بالرغم من كل الصعوبات التي كنتن توجهنها انتن رائعات جدا احببتكن واحببت ماليزيا جدا هي اجمل بلد اتمنى ان ازورها واسترجع ذكرياتي الجميله هناك وان تكونوا ايضا انتن هناك لنلعب البولينغ وناكل في كي اف سي هههههههههه

    ReplyDelete
  2. عفوا يا أستاذة شروق....^_^.أنا سعيدة أيضا لأننا تعارفنا ونكون الصديقات حتى الآن وإن شاء الله إلى الأبد.....لن أنسى ذكراياتنا الممتعة والرائعة عندما كنت في الدورة..أستاذة، تعالي إلى مصر،أنت غنية الآن مش كده؟؟^_^..أنا سأكون مرشدة سياحية لكم هنا....أنا اشتقت أوي أوي إليك وراما وتالا!!!!!!

    ReplyDelete
  3. السلام عليكم إيمي ليانا ... أنا الأستاذ رائد مدرسك في الدورة في مرسة
    وأنا أقرأ مقالك شعرت بالسعادة الغامرة والفخر لأنك كنت طالبة من طالباتي وخاصة وأنت تستخدمين المصطلحات البلاغية التي تعلمتها في دورة اللغة العربية - وهذا دليل على أنك تذكرين - مثل مصطلح النصف الحلو واسمه على كل لسان
    فأنا فخور بك جدا خاصة أن كتابتك أفضل من كثير من العرب أنفسهم أهل اللغة وأنت الآن من أهلها طبعا
    وأنا مسرور أيضا أنك ذكرت استفادتك من النشاطات الأخرى في الدورة مثل المحادثة والمشاركة في المناظرة والتمثيليات التي تدربتم عليها في الدورة
    ارجو لك التوفيق والنجاح بالدنيا والاخره والنجاح في خدمه بلدك ماليزيا وانا متاكد انك ستحصلين على مركز مرموق يوما ما وتكونين نافعه لجميع من حولك

    ReplyDelete
  4. وعليكم السلام يا أستاذي المحترم الأستاذ رائد الأردني. أودّ أن أقدّم جزيل الشكر لك على تشجيعك في هذا التعليق. أنا محظوظة وفخور أيضا لكوني طالبة من طالباتك في الدورة. الحمد لله، استفدت كثيرا من الدورة حتى أتمنى أن أرجع إلى ذلك الحين...ادع لي بالنجاح دائما يا أستاذي....

    ReplyDelete
  5. شكرا على هذه الخبرات الرائعة! اللغة تعيش بالاستعمال وتموت بالإهمال

    ReplyDelete