Saturday 20 February 2010

ما الصلة بين اللغة العربية الفصحى والدين الإسلامي الحنيف؟؟

  
     لما أسر "لويس التاسع" (648ه – 1250م) في دار ابن لقمان بالمنصورة، وافتدته فرنسا بعزيز مالها، وعاد إلى بلاده ذليلا منكسرا عقد له رجال الحكم آنذاك مائدة مستديرة يحاكمونه فيها عما لحق به من هزائم فاضحة على يد العرب والمسلمين.
     فكان جوابه :" أنا لم أهزم، ولم أجلب العار لدول الصلب"، وطالبهم أن يستمعوا إليه إذا أرادوا أن يحققوا النصر على بلاد الشرق الإسلامي، وقال : "إن هذه البلاد رجال يحملون في صدورهم إيمانا لا يُزعزع، وعقيدة لا يهزمها أحدث ما وصلتم إليه من أسلحة فتك ودمار؛ حيث كانوا يقاتلون تلك الأسلحة المتطورة بصدورهم، ويطلقون الصيحات تزلزل الدنيا، وتنشر الرعب في قلوب جنودنا : (الله أكبر- الله أكبر)، حتى إنهم لم يجدوا ملجأ سوى الفرار من الميدان."
    ثم، أشار "لويس التاسع" إلى بساط يشغل حيّزا كبيرا في الحجرة التي بها المحكمة، وقال لهم : "لو وضعنا مصحفا {يقصد بذلك عقيدة المسلمين} وسط هذا البساط، هل يستطيع أحدكم الوصول إليه دون أن يسير على البساط؟"
فردّ الجميع بالنفي.
    وعند ذلك قال لهم :" أما أنا فأستطيع الوصول إليه في يسرٍ"، وشرع في طيّ البساط واحدةً بعد أخرى، حتى وصل إلى صلب عقيدة المسلمين، دون أن يضع قدمه على البساط!
    ومن هنا، فإن الشاهد والمقصود منها واضح وجليّ، وهو أن الشرق الإسلامي لن يهزم إلا بعد تفريغ العقيدة من صدور المسلمين، وحينئذ يصبح المسلمون جسدا خاويا بلا عقيدة فتسهل هزيمتهم.
    ومن يومها بدأت معاهد الاستشراق * المتنوعة والمتعددة في المدارس الخاصة، والمشتشفيات، والبعثات العلمية...إلخ، بدأت تبثّ سمومها لتفريغ العقيدة من صدور المسلمين، فراحوا ينشرون الافتراءات والأكاذيب حول الإسلام ونبيّه صلى الله عليه وسلم محاولين بذلك زعزعة الاعتقاد في صحة القرآن الكريم، وفي صدق الرسول صلى الله عليه وسلم.
    ثم أدرك أعداء الإسلام الصلة الوثيقة التي بين الدين الإسلامي واللغة العربية الفصحى، فالذي يريد أن يدخل الإسلام – أيا كانت لغته – عليه – لكي يكون إسلامه صحيحا - أن يعرف العربية، ولا يقبل شهادة الإسلام منه إلا بالعربية، والذي يريد أن يقرأ القرآن – بفهم – عليه أن يعرف العربية، ولا يقبل تعبّده بقراءة القرآن إلا أن كان بالعربية، أما هذه الترجمات المتعددة الموجودة في العالم فلا يسمى قرآنا، وإنما هي ترجمات لمعاني القرآن، والذي يريد أن يصلي يليه أن يعرف العربية إذ إن صلاته لا تقبل إلا إن كانت بالعربية!
    ولما أدرك أعداء الإسلام هذه الصلة الوثيقة التي بين الدين الإسلامي واللغة العربية، وجدوا أن القضاء على العربية فيه قضاء على الإسلام فاتجهت أنظارهم إلى اللغة العربية فأخذوا يصوبون سهامهم المسمومة الواحد تلو الآخر لإنهاك اللغة العربية الفصحى، وهم لا يحاربونها لأنها لغة ذات حروف وألفاظ وتراكيب، ولكن لأنها عماد الدين الإسلامي!
    ومن ثم كثر أعداء الفصحى كما كثر أعداء الإسلام.


*الاستشراق : الدراسات الغربية المتعلقة بالشرق الإسلامي في لغاته وآدابه وتاريخه وعقائده وتشريعاته وحضارته بوجه عام.

1 comment: